لأنَّهُ مِنَ التّرابِ جاءَ واقفاً‏



تقدّس الترابْ‏



تناثرَتْ دماؤُه على الذُّرا وغابْ‏



فحلقَتْ أكفُّنا تعانِقُ السّحابْ‏



وقالَ لي مُودِّعاً في مُنحنى العذابْ:‏



تجَسّدي قصيدةً من سوسنٍ..‏



تفتّحي كغابةٍ من نرجسٍ‏



في السَّهلِ والهضابْ‏



وعندما حاولتُ أن أضمَّهُ إلى دمي‏



وأغلقَ العيونَ والأهدابْ‏



سمعْتُ صوتَهُ مدوِّياً:‏



لا.. تبحثي عن موطني‏



فموطني الترابْ‏



جمعْتُ صوتَهُ المضيءَ في حقائبي‏



سافرْتُ ألفَ موسمٍ‏



رسمْتُ وجهَهُ تعويذةً‏



على مطالعِ الكتابْ‏



وألفَ ألفِ مرَّةٍ ظننْتُ.. أنني وجدْتُهُ‏



لكنني.. أدركْتُ‏



أنَّ كلَّ من ظننتُهُمْ (مُسافِري)‏



لم يرتقَوا لنارِهِ‏



وأنهم مرّوا على طريقِ دهشتي‏



كالظّلِّ والسّرابْ‏



وحينما ارتديتُ معطفَ السكونِ‏



وانكفأتُ نحوَ داخلي‏



وجدْتُهُ في خافقي مسوَّراً‏



بالشوقِ والرِّغابْ‏



لكنّه غافلَني مرفرفاً وفرَّ من دوائري‏



ذاك الذي حوَّلني بحبِّهِ قصيدةً‏



تصاغُ مفرداتُها من رعشةِ الهضابْ‏



وقال لي: صديقتي، لأنني من الترابِ جئتُ واقفاً‏



لأنني إلى الترابِ عدْتُ واقفاً‏



لن يكسرَ الترابْ‏



لن يكسرَ التّرابْ‏