رسالة الترحيب



ومــا كـنـت مـمـن يـدخـل العـشـق قلـبـه -
و لـكــن مـــن يـبـصـر جـفـونـك يـعـشــق
.




بحث هذه المدونة الإلكترونية

28‏/04‏/2011

نزار قباني

السيرة الذاتية لسياف عربى
شعر : نزار قباني
1
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدونى...
إننى لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصرونى
اتركوا أطفالكم من غير خبز
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعونى
إحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلنى كى أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دونى
إننى يوسف فى الحسن
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعرى
وجبينا نبويا كجبينى
وعيونى غابة من شجر الزيتون واللوز
فصلوا دائما كى يحفظ الله عيونى
أيها الناس:
أنا مجنون ليلى
فابعثوا زوجاتكم يحملن منى..
واعبثوا أزواجكم كى يشكرونى
شرف أن تأكلوا حنطة جسمى
شرف أن تقطفوا لوزى وتينى
شرف أن تشبهونى..
فأنا حادثة ما حدثت
منذ آلاف القرون..
2
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل،
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهانى ضميرى
من ترى يحكم بعدى هؤلاء الطيبين؟
من سيشفى بعدى الأعرج، والأبرص، والأعمى..
ومن يحيى عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعى كغمامة..
وتوكلت علىلا الله ...
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن.. الى يوم القيامه..
3
أيها الناس:
أنا أملككم
كما أملك خيلى .. وعبيدى
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصرى
فاسجدوا لى فى قيامى
واسجدوا لى فى قعودى
أولم أعثر عليكم ذات يوم
بين أوراق جدودى ؟؟
حاذروا أن تقرأوا أى كتاب
فأنا أقرأ عنكم..
حاذروا أن تكتبوا أى خطاب
فأنا أكتب عنكم..
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
فإنى بنواياكم عليم
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذنى
فهذا عندنا إثم عظيم
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
فكلامى هو قرآن كريم..
4
أيها الناس:
أنا مهديكم ، فانتظرونى
ودمى ينبض فى قلب الدوالى، فاشربونى
أوقفوا كل الأناشيد التى ينشدها الأطفال
فى حب الوطن
فأنا صرت الوطنه.
إننى الواحد، والخالد ما بين جميع الكائنات
وأنا المخزون فى ذاكرة التفاح، والناى،
وزرق الأغنيات
إرفعوا فوق الميادين تصاويرى
وغطونى بغيم الكلمات
واخطبوا لى أصغر الزوجات سناً..
فأنا لست أشيخ..
جسدى ليس يشيخ..
وسجونى لا تشيخ..
وجهاز القمع فى مملكتى ليس يشيخ..
أيها الناس:
أنا الحجاج إن أنزع قناعى تعرفونى
وأنا جنكيز خان جئتكم..
بحرابى .. وكلابى.. سوجونى
لاتضيقوا - أيها الناس - ببطشى
فأنا أقتل كى لاتقتلونى....
وأنا أشنق كى لا تشنقونى..
وأنا أدفنكم فى ذلك القبر الجماعى
لكيلا تدفونى..
5
أيها الناس :
اشتروا لى صحفا تكتب عنى
إنها معروضة مثل البغايا فى الشوارع
إشتروا لى ورقا أخضر مصقولاً كأشعاب الربيع
ومدادا .. ومطابع
كل شىء يشترى فى عصرنا .. حتى الأصابع..
إشتروا فاكهة الفكر .. وخلوها أمامى
واطبخوا لى شاعرا،
واجعلوه، بين أطباق طعامى..
أنا أمى.. وعندى عقدة مما يقول الشعراء
فاشتروا لى شعراء يتغنون بحسنى..
واجعلونى نجم كل الأغلفة
فنجوم الرقص والمسرح ليسوا أبدا أجمل منى
فأنا، بالعملة الصعبة، أشرى ما أريد
أشترى ديوان بشار بن برد
وشفاه المتنبى، وأناشيد لبيد..
فالملايين التى فى بيت مال المسلمين
هى ميراث قديم لأبى
فخذوا من ذهبى
واكتبوا فى أمهات الكتب
أن عصرى عصر هارون الرشيد...
6
يا جماهير بلادى:
ياجماهير العشوب العربية
إننى روح نقى جاء كى يغسلكم من غبار الجاهلية
سجلوا صوتى على أشرطة
إن صوتى أخضر الايقاع كالنافورة الأندلسية
صورونى باسما مثل الجوكندا
ووديعا مثل وجه المدلية
صورونى...
وأنا أفترس الشعر بأسنانى..
وأمتص دماء الأبجدية
صورونى
بوقارى وجلالى،
وعصاى العسكرية
صورونى..
عندما أصطاد وعلا أو غزالا
صورونى..
عندما أحملكم فوق أكتافى لدار الأبدية
يا جماهير العشوب العربية...
7
أيها الناس:
أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون..
وأنا المسؤول عهن كل رغيب تأكلون
وعن العشر الذى - من خلف ظهرى - تقرأون
فجهاز الأمن فى قصرى يوافينى
بأخبار العصافير .. وأخبار السنابل
ويوافينى بما يحدث فى بطن الحوامل
أيها الناس: أنا سجانكم
وأنا مسجونكم.. فلتعذرونى
إننى المنفى فى داخل قصرى
لا أرى شمسا، ولا نجما، ولا زهرة دفلى
منذ أن جئت الى السلطة طفلا
ورجال السيرك يلتفون حولى
واحد ينفخ ناياً..
واحد يضرب طبلا
واحد يمسح جوخاً .. واحد يمسح نعلا..
منذ أن جئت الى السلطة طفلا..
لم يقل لى مستشار القصر (كلا)
لم يقل لى وزرائى أبدا لفظة (كلا)
لم يقل لى سفرائى أبدا فى الوجه (كلا)
لم تقل إحدى نسائى فى سرير الحب (كلا)
إنهم قد علمونى أن أرى نفسى إلها
وأرى الشعب من الشرفة رملا..
فاعذرونى إن تحولت لهولاكو جديد
أنا لم أقتل لوجه القتل يوما..
إنما أقتلكم .. كى أتسلى..
للأعلى

المهرولون
شعر : نزار قبانى
(1)
سقطت آخر جدران الحياء
وفرحنا..
ورقصنا..
وتباركنا بتوقيع سلام الجبناء
لم يعد يرعبنا شىء
ولا يخجلنا شىء
فقد يبست فينا عروق الكبرياء..
(2)
سقطت..
للمرة الخمسين .. عذريتنا
د\ون أن نهتز.. أو نصرخ
أو يرعبنا مرأى الدماء
ودخلنا فى زمان الهرولة
ووقفنا بالطوابير كأغنام أمام المقصلة
وركضنا .. ولهثنا..
وتسابقنا لتقبيل حذاء .. القتلة
(3)
جوعوا أطفالنا خمسين عاما
ورموا فى آخر الصوم الينا
بصلة...
(4)
سقطت غرناطة
للمرة الخمسين .. من أيدى العرب
سقط التاريخ من أيدى العرب
سقطت أعمدة الروح وأفخاذ القبيلة
سقطت كل مواويل البطولة
سقطت أشبيليا..
سقطت انطاكية
سقطت حطين من غير قتال
سقطت عمورية
سقطت مريم فى أيدى الميليشيات
فما من رجل ينقذ الرمز السماوى
ولا ثم رجولة....
(5)
سقطت آخر محظياتنا
فى يد الروم، فعن ماذا ندافع؟
لم يعد فى قصرنا جارية واحدة
تصنع القهوة .. والجنس
فعن ماذا ندافع ؟؟
(6)
لم يعد فى يدنا..
أندلس واحدة نملكها
سرقوا الأبواب
والحيطان
الوجات .. والأولاد..
والزيتون والزيت
وأحجار الشوارع
سرقوا عيسى بن مريم
وهو مازال رضيعا
سرقوا ذاكرة الليمون
والمشمش.. والنعناع منا
وقناديل الجوامع...
(7)
تركوا علبة سردين بأيدينا
تسمى (غزة)...
عظمة يابسة تدعى (أريحا)..
فندقا يدعى فلسطين
بلا سقف ولا أعمدة
تركونا جسدا دون عظام
ويدا دون أصابع
(8)
لم يعد ثمة أطلال لكى نبكى عليها
كيف .. تبكى أمة
أخذوا منها المدامع ؟؟
(9)
بعد هذا الغزل السرى فى أوسلو
خرجنا عاقرين
وهبونا وطنا أصغر من حبة قمح
وطنا نبلعه من غير ماء
كحبوب الأسبرين !!...
(10)
بعد خمسين سنة
نجلس الآن على الأرض الخراب
ما لنا مأوى .. كآلاف الكلاب !!
(11)
بعد خمسين سنةى..
ما وجدنا وطنا نسكنه
الا السراب.
ليس صلحا..
ذلك الصلح الذى أدخل كالخنجر فينا..
انه فعل اغتصاب !!...
(12)
ما تفيد الهرولة؟
ما تفيد الهرولة؟
عندما يبقى ضمير الشعب حيا
كفتيل قنبلة
(13)
كم حلمنا بسلام أخضر
وهلال أبيض
وبحر أزرق
وقلوع مرسلة
ووجدنا فجأة أنفسنا فى مزبلة!!
(14)
من ترى يسألهم
عن سلام الجبناء ؟؟
لا سلام الأقويا القادرين
من ترى يسألهم ؟
عن سلام البيع بالتقسيط
والتأجير بالتقسيط
والصفقات...
والتجار.. والمستثمرين؟
من ترى يسألهم؟
عن سلام الميتين..
أسكتوا الشارع
واغتالوا جميع الأسئلة..
وجميع السائلين...
(15)
وتزوجنا بلا حب
من الأنثى التى ذات يوم أكلت أولادنا
مضغت أكبادنا..
وأخذناها الى شهر العسل..
وسكرنا ... ورقصنا..
واستعدنا كل ما نحفظ من شعر الغزل
ثم أنجبنا - لسوء الحظ - أولادا معاقين
لهم شكل الضفادع
وتشردنا على أرصفة الحزن
فلا من بلد نحضنه
أو من ولد !!
(16)
لم يكن فى العرس رقص عربى
أو طعام عربى
أو غناء عربى
أو حياء عربى
فلقد غاب عن الزفة أولاد البلد.
لن تساوى كل توقيعات أوسلوا خردلة!!..
(17)
كان نصف المهر بالدولار
كان الخاتم الماسى بالدولار
كانت أجرة المأذون بالدولار
والكعكة كانت هبة من أمريكا..
وغطاء العرس والأزهار والشمع
وموسيقى المارينز...
كلها قد صنعت فى أمريكا ...
(18)
وانتهى العرس... ولم تحضر فلسطين الفرح
بل رأت صورتها مبثوثة عبر كل الأقنية
ورأت دمعتها تعبر أمواج المحيط..
نحو شيكاغو .. وجيرسى .. وميامى..
وهى مثل الطائر المذبوح تصرخ:
ليس هذا العرس عرسى..
ليس هذا الثوب ثوبى..
ليس هذا العار عارى..
أبدا... يا أمريكا...
أبدا ... يا أمريكا ...
أبدا ... يا أمريكا ...
للأعلى

قصيدة في هجاء رأس الشر في ليبيا
معمر القذافي
ألا يا بنى ليبيا زففتم لها البشرى
فدمتم لها جندا ودمتم لها ذخرا
بكم رفعت من بعد ذل جبينها
وطاولت الدنيا بهاماتكم فخرا
ودفعتم لواء للجهاد وقلتموا
نموت فداها، أو نزف لها النصرا
على كل من داسوا ثراها وخيموا
عليها كليل ما استبانت له فجرا
ومن دنسواً بالخبث كل طيوبها
وغالوا شبابا لاح فى وجهها نظرا
تفشوا بها داء سرى فى عروقها
وأوغل حتى العظم ينخرها نخرا
فعادت وما فيها عزيز معزز
ولا الحر يحيا إن أراد بها حرا
تذيق أبى النفس ضيما لئامها
وتودى لمن يعصى لسيدهم أمرا
وتشبع من يبدى استياء مذلة
وتسقى الذى يأبى الخضوع لها المرا
ومد لها فى احلبل حتى تباعدت
وظنت بأن الأمر صار لها حكرا
وظنت غرورا انها قد تمكنت
ومدت لها فى عمق تربتنا جذرا
وأنا تروضنا خضوعا وطاعة
ومهما أذقنا المر لن ننتهى صبرا
****
فقد آن أن يدرى الطغاة بأننا
يهون علينا أن نجوع وأن نعرى
وأن يلهب السوط اللعين جلودنا
وتلتهم القضبان من عمرنا العمرا
ونذهب فى الدنيا شتاتا ممزقا
يضيق بنا صدر فيلقمنا صدرا
وتنثرنا الأيام فى كل مهجر
ففى مشرق شطرا وفى مغرب شطرا
ويفجأ موت الغدر منا أعزة
فلا يجدوا فى أرض آبائهم قبرا
ولسنا نرى للذل نحنى جباهنا
ولو كسروا بالظلم أعناقنا كسرا
فنحن بنو من لقنوا كل معتد
دروسا عهلى التاريخ شادت لنا ذكرى
كرام أباة لا تلين قناتنا
وإذ يمكر الباغون نوسعهم مكرا
ألا قد أتى وقت يرى فيه من طغى
بأنا نضهنا اليوم كى نطلب الثأرا
لمن جرعوا قهرا ومن أشبعوا أسى
ومن سجنوا ظلما ومن قتلوا غدرا
ومن أطعموا للحرب حتى إذا انجلت
عن الموت والخسران هم حملوا الوزرا
فما سلم الناجون منها بجلدهم
وما سلم القتلى ولا سلم الأسرى
أيحسب إن أرخى قليلا قيودنا
وأبدل بعد السعر أيامنا يسرا
وأوهم قوما انه عاد نادما
وقدم عما كان من جرمه العذرا
بأنا ننسى ما جنى فى سنينه
ثمان من التنكيل قد لقحت عشرا
أيا بعد ما يصبو اليه فجرحنا
تأبى على كف التآسى ولن يبرا
بغير اشتعال السخط فى كل مهجة
وغير انتفاض الشعب فى وثبة بترا
تطيح برأس الشر من رعش بغيه
وكل يد للظلم تبترها بترا
****
هنا يقف التاريخ كى ينحنى لنا
ويفتح للعهد الذى نبتدى سفرا
هنا اليوم ترتج الدنا من زئيرنا
وتتخذ الأوغاد من خوفها وكرا
هنا اليوم يزهو من شدا المجد باسمهم
ومن سلكوا من قبلنا المنهج الوعرا
وقد علموا انا حفظنا عهودهم
ولم ندع الأشواك تمنعنا السيرا
وأنا الى الميدان تمشى صفوفنا
وأرواحنا للنصر نحملها مهرا
للأعلى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعليق